[size=12][size=24]
[size=12][b]و مع تطور النزاع العسكرى و زيادة حدته حشدت الدولتين قوتهما و استطاعت المغرب الاستيلاء على حاس البيضا و تنجوب و لم يستطع أى من الجانبين تقديم المستندات الدالة على الحقيقة و ذلك لأن هذه الوثائق كانت فى حوزة فرنسا منذ احتلالها لدول الشمال الافريقي و تمسكت الجزائر بحجة قانونية وضع اليد.
تدخلت الجامعة العربية فى الازمة و اصدرت قرارها بوقف العمليات العسكرية دعت الدولتان المتحاربتان الى سحب قواتهما ووقف الحملات الدعائية لضمان خلق جو من الهدوء و الاستقرار لحل النزاع بطريقة هادئة ،و شكلت لجنة وساطة بين الطرفين من كل ليبيا و تونس و لبنان و أصدرت اللجنة توصباتها بتدعيم قرار مجلس الجامعة بوقف اطلاق النار و سحب قوات الطرفين الى ما وراء الحدود مع تعهد الجانب الجزائري بارسال قوات عقب الانسحاب المغربي من كل من حاس البيضا و تنجوب .و عقد اجتماع بين الطرفين لحل المشكلة بطرق سلمية و عقد مؤتمر فى باماكو فى 29 أكتوبر 1963 حضره رؤساء دول الجزائر و المغرب و أثيوبيا و مالي و تقرر في خلال هذه المؤتمر وقف اطلاق النار فى منتصف ليلة 2 نوفمبر 1963 و تحديد منطقة منزوعة السلاح بواسطة لجنة رباعية من ممثلىن للدول الاربع المشاركة فى المؤتمر مع تعيين مراقبين دوليين لضمان سلام و حياد هذه المنطقة و تشكيل لجنة تحكيم يتولى وزراء الخارجية لدول منظمة الوحدة الافريقية اختيارها تكون مهمتها تحديد المسئولين عن بدء العمليات العسكرية و محاولة وضع الاسس لحل مشكلة الحدود بين كل من المغرب و الجزائر.
و كان من نتيجة هذا الصراع أن الجزائر استفادت من عرضه على منظمة الوحدة الافريقية التى كان عدد كبير من اعضائها يتعاطف معها و يتمسك بتوصيات مؤتمر داكار بضرورة حل المشكلات الحدودية فى افريقيا بالطرق السلمية بينما كان أهم مكسب للمغرب هو الاعتراف بوجود مشكلة الحدود بينهما و بين الجزائر و يجب تسويتها و هو ما سعت اليه طويلا أثناء الثورة الجزائرية و بعد الاستقلال و قد تم بحث النزاع فى اجتماع منظمة الوحدة الافريقية فى 15 نوفمبر 1963 و الذى انتهى الى تشكيل لجنة تحكيم لدراسة المشكلة و تقديم المقترحات للطرفين لتسوية المنازعات.
و قد انعقدت لجنة التحكيم فى يناير 1964و انتهت الى تحديد المنطقة المنزوعة السلاح بين الطرفين و أمكنها عقد اتفاق بين الجزائر و المغرب 19 فبراير 1964 تضمن عودة قوات البلدين الى مواقعهما قبل الاشتباكات .
و قد تم تنفيذ ذلك بالفعل و قد واصلت اللجنة جهودها لحل النزاع بشكل نهائى فعقدت عدة اجتماعات كان من نتيجتها تحسن العلاقات بين الدولتين، و لكن التوتر عاد من جديد عندما اعلنت الجزائر 8 مايو 1966 تأميم مناجمها و من بينها منجم (غارة حبيلات) الذى يقع فى المنطقة التى تطالب بها المغرب و قد اعتبر هذه التأميم انتهاكا لمهمة لجنة التحكيم الافريقية الخاصة بنزاع الحدود بين الدولتين .
و لكن الجزائر اعتبرت ان هذا التصرف من جانبها من صميم السيادة الجزائرية على أراضيها و هكذا تجدد النزاع بين الجانبين و قد عقدت جلسات لجنة التحكيم الافريقية لبحث الموقف فى اديس أبابا فى 26 يوليو 1966 و أحالت اللجنة الامر الى البلدين للاتفاق على حل فيما بينهما و لذلك بقيت أسباب النزاع قائمة .
و مما زاد من الخلاف التصريح الذى أدلى به مندوب الجزائر فى الامم المتحدة بضرورة اشتراك الجزائر فى أى إجراء يخص الصحراء المغربية (الصحراء الاسبانية)مما اعتبرته المغرب يشكل تنسيقاً بين الجزائر و موريتانيا و أسبانيا ضد المغرب . و قد ظل الامر كذلك الى ان توصل الجانبان الى ابرام اتفاق لاعادة رسم الحدود بموجب معاهدة (إيفران)15 يناير 1969 و صدر تصريح مشترك 27 يناير 1970 بهذا المعنى و انتهى الامر بتوقيع اتفاقية الحدود بين رئيسي الدولتين على هامش مؤتمر للقمة الافريقي بالرباط و قد صدقت الجزائر على هذا الاتفاق مايو 1973 بينما صدقت عليه المغرب 22 يونيو 1992 . و بذلك انتهت مشكلة الحدود بين الدولتين.
أحمد حسن ابراهيم ،الجغرافية السياسية ص251-255
[/size][/size][/b][/size]