H.A ســفـيـر النوايا الحسنة
عدد الرسائل : 1296 العمر : 37 الموقع : https://shere26queen.own0.com العمل/الترفيه : الغلاسة ع الاصحاب المزاج : الرخامة ع الناس النوع : ذكر نقاط : 123197 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 04/08/2008
بطاقة الشخصية حكمتك المفضلة: نوع موبايلك: النوع:
| موضوع: مياه النيل.. جولات التفاوض ومتطلبات التحرك الإثنين ديسمبر 08, 2008 3:08 pm | |
| مياه النيل.. جولات التفاوض ومتطلبات التحرك بقلم : أيمن السيد عبدالوهاب ________________________________________ الحديث عن قرب التوصل إلي اتفاق قانوني ومؤسسي لمبادرة دول حوض النيل, يعني بالأساس تجاوز العديد من العقبات والقيود التي يأتي في مقدمتها الخلاف حول حصة مصر من مياه النيل, والاتفاق علي مفهوم الأمن المائي وتحديد الموقف من عملية الإخطار المسبق للمشروعات. ويعني أيضا توافر إرادة جماعية لإنجاز اتفاقية لتنظيم وتنمية مياه النيل بين دول الحوض لأول مرة. ويعني قبل ذلك كله تجاوز الميراث التاريخي والحساسيات السياسية وعدم تغليب النمط الأحادي للتنمية من قبل كل دول الحوض. واتساقا مع هذه المتطلبات التي تبدو أنها لاتزال تصطدم بغياب القرار السياسي والارتفاع بالإرادة الجماعية إلي الحد الذي يجعل من متطلبات التنمية المتوازنة بين دول الحوض وعدم الإضرار محددا أساسيا لمواجهة القيود السياسية وحالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها منطقة البحيرات والقرن الإفريقي. فتشير جولات التفاوض علي مدي العام الماضي,
إلي نتيجة رئيسية مفادها أن اتساع آفاق التعاون بين دول حوض النيل علي المستوي الجماعي لم يصل إلي الحد الذي يجعل من حلم توقيع اتفاق قانوني ومؤسسي لتنظيم التعاون المائي بين دول الحوض حقيقة ملموسة, كما أن تقييم عملية التفاوض و ما أسفرت عنه من نتائج إيجابية لا يمكن تجاوزها أو التقليل من اثارها, وإن كانت تعطي العديد من الدروس والدلالات.
الدلالة الأولي: تتعلق بخبرة التعاون الإقليمي, وما تثيره من علامات استفهام حول عدم نجاح دول الحوض علي مدي نحو أربعين عاما في إيجاد تجمع اقتصادي, لذا كان الحرص الجماعي, المدفوع بمجموعة من العوامل الإيجابية الإقليمية والدولية, مترجما يوضح في مبادرة دول حوض النيل التي دشنها الاجتماع الأول لمجلس الوزراء بإريتريا في أغسطس عام2000, كما شكلت المبادرة خطوة أكثر تقدما مما أسفرت عنه مشاريع التعاون الجماعي الثلاثة( مشروع الدراسات الهيدرومترولوجية, تجمع الأندوجو, التيكونيل). هذه الخطوة ربما لا تعكس العديد من الإيجابيات والخطوات الملموسة والحقيقية التي شهدها مسار التعاون منذ الإعلان عن مبادرة دول حوض النيل.
الدلالة الثانية: تتعلق بالقدرة علي تجاوز أزمة الثقة وإعلاء مبدأ عدم الإضرار والحد من تسييس ملف المياه. لذا ظلت المبادرة رغم دراسات الجدوي والأفكار التي تطرح لتعزيز فرص التعاون الجماعي محاطة بالكثير من الظلال المقيدة لعجلة المفاوضات, لاسيما باتجاه القضايا غير الفنية, والسياسية بالتحديد.
فالملاحظ أن التغير الذي اكتنف عملية الربط بين قضايا العلاقات الاقتصادية والسياسية البينية من جانب, ومسألة المياه من جانب ثان, لم يعد مقصورا علي محاولة التشويش أو الضغط علي مصر فقط, وإنما يرتبط أيضا بتطلعات ورؤي خاصة لدور متنام من جانب بعض دول الحوض, خاصة مع تزايد الشعور بإمكان الاعتماد علي الخارج في الحصول علي الدعم السياسي والمالي لتنفيذ مشروعاتها التنموية بغض النظر عن الحقوق التاريخية والمكتسبة لبعض دول الحوض. هذا التغير الذي تبرزه بعض ملامح الصورة الآن, وإن كان بشكل غير رسمي, يبدو متغيرا خطيرا يجب أخذه في الحسبان والتعامل معه.
الدلالة الثالثة: ترتبط بقدرة التحول الإيجابي الذي عكسته أجواء ومناخ الجولات التفاوض ومشروعات التعاون علي توفير قوة الدفع المستمرة وتلافي سلبيات التجارب السابقة, خاصة أن الانطلاقة الحقيقية للمبادرة ومشروعاتها تظل مرهونة بنتائج الفترة الانتقالية أو بفترة عمل دراسات الجدوي( التي يفترض أنها انتهت العام الماضي). الأمر الذي يضع المبادرة والإرادة الجماعية لدول الحوض العشر, أمام مجموعة من المحاذير والحقائق التي فرضها وجود نهر النيل كرابط تنموي بين دوله عبر فترات تاريخية ممتدة وحتي الآن, فبالإضافة للقضايا التي لم تستطع المفاوضات حسمها حتي الآن, تظل هناك من هذه الحقائق التي تمثل قيودا مثل: تباين درجات الأهمية الخاصة بعلاقة مياه النهر بالبعد التنموي في كل دولة من دول الحوض. وتزايد الاعتبارات المحددة لقيمة قطرة المياه, بما يتجاوز الاعتبارات الاقتصادية إلي اعتبارات أخري سياسية وأمنية واجتماعية. وبقاء مستوي التعاون الجماعي بين دول النهر عند مستوي الحد الأدني المقصور علي التعاون الفني لفترات زمنية طويلة بسبب تسييس قضية المياه.
كما أن تنامي مطالب من نوعية نقل المياه من حوض إلي آخر أقل وفرة ـ كما هو الحال في إثيوبيا ـ والمطالب المتزايدة بالانتقال إلي الزراعة المروية بدلا من الزراعة المطرية من قبل العديد من دول أعالي النهر, يثير بدوره الكثير من الضغوط والمتطلبات المستندة لمطالب تنموية داخلية لا تراعي بالضرورة احتياجات باقي الدول.
الدلالة الرابعة: تترجمها القدرة علي تحييد عوامل عدم الاستقرار الداخلية في بعض دول الحوض والصراعات والخلافات بين بعض أطراف دول الحوض أو بعض دوله مع دول مجاورة ليست في الحوض, فالملاحظ أن هذه القيود لاتزال تفرض كلمتها علي آلية التفاوض ودوران عجلتها. كما يلاحظ أن الخطاب الإيجابي عن قرب توقيع الاتفاقية من جانب العديد من دول الحوض وتنامي الشعور بأهمية الاستفادة الكاملة والجماعية من نهر النيل, فضلا عن الرغبة في الاستفادة من الدعم الدولي المقدم لمشروعات التنمية المشتركة, لم يترجم نفسه بدرجة كبيرة علي مستوي العلاقات البينية, فمازالت هذه العلاقات تفتقر للقدرة علي تحييد التعاون المائي والتنموي بعيدا عن التفاعلات الصراعية والتنافسية التي حكمت مسار غالبية العلاقات البينية.
الدلالة الخامسة: تتعلق بالأداء والتحرك المصري ودرجة كثافته في هذه اللحظة التي تتطلب تحركا مشابها لما أقدمت مصر عليه عقب أزمة أواخر عام2003, عندما طالب أعضاء برلمانات ثلاثة هي:( كينيا وتنزانيا وأوغندا) بعدم الاعتراف باتفاقاتها المنظمة للتعاون المائي في مصر. فقد كان لكثافة التحرك وتعدد محاوره وتنوع القضايا التي طرحت كسبيل للتعاون مع دول الحوض أثرها الواضح في تراجع هذه النغمة النشاز من قبل بعض دول الحوض, كما كان لتدخل رئيس الجمهورية وتحرك البرلمان المصري وتكثيف النشاط الدبلوماسي أثره الواضح في مواجهة هذه الأزمة.
الدلالات السابقة تعطي مؤشرا علي أن الجهد الفني الذي بذل من قبل وزراء الري في دول الحوض والفنيين لم يعد كافيا. ومن ثم, ربما يكون من الضروري أن ينتهج التحرك المصري الحالي رؤية تقوم علي الضغط المستمر وعلي محاور متعددة, لاستمرار التفاوض علي القضايا الخلافية, وأن يتم تكثيف آليات التعاون علي جميع المستويات السياسية والاقتصادية, وذلك كهدف وسبيل للحد من فرص تعطيل مشروعات التعاون من قبل بعض القوي السياسية داخل دول الحوض ورغباتها في انتهاج سياسات متعارضة مع تلك المصالح المشتركة التي تطرحها مصر. | |
|