الزوجة الهاربة فصل 1

الفجر لا يمل من الطلوع....من طلوعه على ..الفجر يصر على الشروق كل يوم...الفجر لا ييأس من أن يأتينى كل يوم ..يرسل نوره خلف ستائر الحجرة وردية ،لون فراشى وردى هو الآخر !ها قد أتت العصفورة اليومية لاحرك حدقة عينى اراقبها و هى تقف فى كل ركن من الحجرة ،فى الاركان الاربعة ..الطفل الصغير ،طفل جارتى يصرخ كل يوم مع طلوع الفجر يصرخ كأنه ينتحب على..اذن ساعة الالم تعلن عن نفسها..محال ...محال ...ألمى محالاليوم...صدقنى ان صدرى يتمزق ،أنا أحس به يتمزق ،عاونى فى تناول الدواء..أرجوك ...الزجاجة قريبة منك ..ناولنى إياها ..إياها قريبة منك..بهذه الكلمات كنت أرجو زوجى أن يناولنى الدواء ،بهذه الأنات المتمزقة أسأله أن يعطينى الدواء ،فما كان منه الا أن خرج من الحجرة و أغلق الباب جيداً بينى و بيه...أحس أننى فى قاع تابوت له أربعة جدران ...خرج من حجرتنا و معه ملابسه التى يجيد اختيارها الى حجرة منفصلة فى نفس دارنا الانيقة ...أحسست بالعرق يتصبب من جسدى المسجى و بأن شيئاً آخر قد خرج مع زوجى ...تناولت الدواء و سكن الالم ..فأخذت ألف و أدور فى دائرتى الصغيرة مساحة قدمين ذابلتين ...صمت صمت بينى و بينه ...صمت فى حجرتى ...صمت فى الدار كلها و انا اتسائل لم كل هذا المحال ...محال فأنا اكره الصمت ...الصمت للقبور ...فقط للعدم ...الصمت شيء جديد علي إحساس دخيل...بنظرة رميت الفراغ المحيط بى فلا اسمع الا طنين نفسى لنفسى و ذلك الحديث الخالد الذى لا ينتهى ...اتسائل لم هذه العاصفة الخرساء التى بينى و بينه؟خرساء ...عاصفتنا دائماً خرساء ...يا الهى أى حكمة فى تخيره لهذا الوقت وقت الضعف و الالم ليحس بثقل من أن يناولنى الدواء ...مفروغ منه ...إننى مازلت شابة ...دقات متلاحقة كطرقات ناقوص كنيسة تعبت من استجداء الفضيلة من الناس ...إنه زوجى يالى من تعسة ،لقد عاد ليعتذر ،عاد و لم تمض علينا ساعات الا و قد عاد ...أبصرت صفحة وجهى المتعبة فى المراة ...مرآة قلبى و تعطرت ...زوجى فى ضيقه الدائم ،فبادرته بالسؤال و لكنه لم يجبنى ،بل أمسك يتكيء على سريرنا المهجور ...كانت ساقه تسبب له صيقاً كبيراً فى بعض الاحيان ،تباً لهذه الساق الخشبية ...هكذا تصر فى عناد الا أن تضايقه ...فناديته سريعاً حتى يكفأ عن النظر الى ساقه ...فلقد كنت دائماً و أبداً لا احتمل أن أراه يطيل التحديق الى تلك الساق اللعينة ...يطيل النظر اليها ساعات ...و سلعات بدون ملل ...بدون انقطاع و كأنه يسترجع أسباب و مسببات هذه النهاية ...نعم يسترجع عشر سنوات مضت منذ أن احتضنها و هما يهبطان الدرج ،يوم أن قرر أن يتزوجها ، و يوم أن أخذ بيدها يدربها على القيادة ، فى هذا اليوم بالذات و هو مازال يلف ذراعه حول خصرها محاولا تدريبها ...فى هذه الدقائق و فى ثغر الاسكندرية فرح راقص بشابين فى ربيع العمر ...لسبب ما قرر الثغر أن يلفظ الشابين كذئب فرغ لتوه من امتصاص عذراء ،فانقلبت السيارة فى قسوة ،و فقد الشاب بعضا من نفسه و بعضا من ساقه ...عند هذا الحادث و يتوقف زوجى دائماً ...فقط منذ البداية حتى هذا الحدث كأنه يلقى كل ما بعد هذا اليوم من حياة و أيام و ليل ...ليل عرسنا مثلا بعد هذا اليوم بسبع سنوات ...يوم تعارفنا فى بيت صديقتى فى ضاحية مصر الجديدة ...أعجبنى فيه اصراره على الحياة ...لقد كان يأبى دائماً أن يساعده أحد فى عمل أى شىء أثناء سهرتنا ...و أحاطنى برعايته ،لقد كان يحمل الى المقعد أينما سرت فى الحديقة ...يجهز لى طبقا من الحلوى ...على الرغم من بعد المائدة .أذكر هذا الرجل يجذبنى اليه ...و تلك النظرة فى عينيه ...و شعيرات رأسه السوداء و البيضاء تمنيت أن أتحسسها بأناملى ...فأنا أحب أن أجمع الليل و النهار معا ...و لكنه على غير العادة رفع عينيه فى سرعة كبيرة من فوق ساقه و دفع الى بورقة وردية ،ورقة فى لون ستائرى ...و جمودها ...ثم قال :ان صديقتى زيزى سيعقد قرانها اليوم ،و هو يود من كل قلبه أن أشاركها فرحتها ...بأصابعى المخذولة تناولت بطاقة الدعوة ، فلقد كنت أعرف من أيام هذا الموعد ...و لكن كيف لى يا عمر ان أخرج و انا متعبة هكذا ؟؟فما كان منه الا أن فتح دولاب ملابسى و أنتقى لى أحدها ،و بنفسه بكل نفسه ،أخذ يخلع عنى ملابسى و يلبسنى ثوبا و انا شبه مقاومة أحاول أن أثنيه...و لكنه كان المحال ...و ضاعت محاولاتى الواهنة فى خضم عاصفتنا الخرساء ...و بالفراء لففت كتفى ،و نزلت مسرعة قبل أن يرى دموعى الغزيرة من عينى ...و هناك فى بيت والدى طلبته ،فأجابنى الخادم و سمعت عبر الآلة هرجا و مرجا فى منزله لقد دعا اصدقاؤه كالعادة ليلهوا معا ...فطلبت من الخادم أن يعلن سيده أنى مريضة باللتهاب الرئوى منذ أيام .

بقلم جيلان حمزة و للفصل بقية

نونوكاتى

فى دار أبى ...دارى انا ...حجرتى و تلك المكتبة الصغيرة مكتبتى ...هنا و هناك فقط كل شىء ملكى ،أشعر هنا أن لي بيتاً خاصاً و مكتبة تضم أكثر ما أحب ففى هذه الحياة ...تضم ورقات أتعرف من خلالها على أحوال الناس ،تؤانسنى تسلينى لا أشعر معها بالملل ...مكتبتى غاصة بالكتب و القصص ،منظرها يشعرنى أنها أمهات ...........................عفواً لم استطع اكمال تلك القصة لما بها من تشبيهات فجة مثيرة للاشمئزاز .

ميرسي يا شيري ع المجهود و ع مراعاة المشاعر العامة

» الزوجة فى كل العصور...اتفرج و نص